متناقضين للتعبير عن مضمون دولة القانون، هذان المصطلحان هما: دولة البوليس ودولة القانون.
فدولة البوليس أو ما يسمّى بالدولة البوليسية هي دولة الضبط الإداري بالتحديد، وهي تتعارض بتاتا مع فكر دولة القانون، حيث أن دولة البوليس لها قواعد لتنظيم العلاقة بين المرؤوسين ورؤسائهم، وتقوم بإصدار أوامر وسلطات تراها ضرورية بحق المواطنين لأجل الحفاظ على غاياتها، ولمواجهة كل ما هو غير ملائم مع تطلّعاتها الفردية.فهي تملك سلطة وإدارة غير شرعية لمواجهة مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل بموجبها كلما دعت الحاجة، مما يعني أنها تشكّل تهديدا للحريات العامة والحقوق باعتبارها تغلب ضرورات السلطة على ضمانات حقوق الأفراد والحريات العامة.كما نجد داخل الدولة البوليسية أن جميع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية تنصهر فيما بينها، دون أن يكون هناك فصل أو معيار يتم من خلاله التمييز بين عمل تلك السلطات. ومن هنا لاضمانات مع الدولة البوليسية للأفراد والحريات العامة، ودائما تكون القرارات تتجه نحو تحقيق أهداف السلطة والإدارة مهما كانت المبررات، وغالبا ما يمثلها شخص أو مجموعة لديهم الرغبة في الانفراد بالسلطة والقرار السياسي، وفرض كل ما يحبّذ ونه على المواطنين ولو بالإرهاب والقوة المسلّحة.
في حين نجد أنه في دولة القانون يتم تأمين الحقوق للمحكومين في مواجهة الحكام، وفي مواجهة الإدارة، ويخضع الجميع لنفس القواعد القانونية التي وضعتها دولة القانون بما هي نفسها، فهي الخادمة للحريات وحامية لها.
وتتعارض ثقافة دولة القانون مع الدولة الشمولية، حيث إن الدولة الشمولية لا تخضع أبدا لمفهوم القانون، فهي تعتبرنفسها فوق القانون وهي مصدر النظام القانوني، حيث هي السيّد والآمر والسلطان، والقانون هو أوامرها وأداة بيدها.وخير مثال على ذلك(ألمانيا النازية-ايطاليا الفاشية).حيث غلب الفكر القومي على كل شيء ودمج القانون تحت لوائها، وهنا ضاعت حقوق الأفراد الشخصية والذاتية، لأن الدولة الشمولية ترفض مبدأ الفصل بين العام والخاص.ولايوجد أدنى احترام لمبدأ فصل السلطات، ولا تقبل حقوقا معارضة لسلطتها، ولا تسمح بالتعددية والرأي الآخر، أو وجود أحزاب سياسية، أو جمعيات مجتمع مدني، أو حرية التعبير والصحافة الحرة.